تحدث السمنة نتيجة وقوع حالة من الاضطراب بين المأخوذ من الطاقة والمستهلك منها. والمأخوذ الزائد من الطاقة يمكن أن ينتج بالطبع عن المأخوذ الزائد من الدهون أو غيرها من العناصر الغذائية الكبرى (البروتينات والكربوهيدرات). وحيث أن الأغذية الغنية بالدهون تكون في العادة غنية بالطاقة وشهية الطعم، لذا فإن الأغذية الغنية نسبياً بالدهون تؤدي عادة إلى حدوث زيادة في القدر المأخوذ من الطاقة. وهناك من يقترح أن ما يُتناول من الدهون له تأثير أقل في ضبط عمليات التمثيل الغذائي مقارنة بالكربوهيدرات. ومجال الأبحاث اليوم يُظهر اختلافاً في وجهات النظر بناءً على مثل هذه الآليات، على أن التهام كميات كبيرة من الدهون قد يؤدي إلى زيادة الوزن. والأمر الأكثر إثارة للجدل هو مفهوم أن الأغذية الغنية بالدهون من المحتمل أن تؤدي بشكل كبير إلى زيادة الوزن والسمنة مقارنة بالأغذية قليلة الدهون. والسؤال هو: هل يصح التنبؤ بأن الأغذية الغنية بالدهون تؤدي إلى السمنة بشكلٍ مستقل عن إجمالي المأخوذ من الطاقة؟ خلاصة هذه الدراسة هي مراجعة شاملة لمجموعة الدراسات الوبائية التي تمت في هذا الجانب، قام بها الدكتور «سيدل» ونشرتها الدورية الأمريكية للتغذية العلاجية في نسختها الإضافية. * تضارب في النتائج إن الملاحظة التي تقول: بأن الدهون الغذائية لها تأثير على زيادة الوزن وتطور السمنة بصورة أكثر مما هو متوقع بناءً على قيمة الطاقة المستمدة من الدهون، إنما هي في الواقع لاترقى لأن تكون ملاحظات تجريبية. فالكثير من المشكلات المنهجية تقف في طريق التفسيرات التي تقدمها دراسات علوم الأوبئة بشأن العلاقة بين المأخوذ من الدهون الغذائية والسمنة. ومن القضايا وثيقة الصلة في هذا السياق، مسألة إساءة تقدير الطاقة المستهلكة والدهون المأخوذة. كذلك فإن هناك السلوك الغذائي والتحكم غير المناسب في المتغيرات، مثل متغير استهلاك الطاقة والاختلافات بين الأفراد في تناولهم للدهون، كما يحدث في الدول النامية. وتعاني الدراسات الوبائية المختلفة أنواعاً عديدة من التداخلات مما ينتج عنه تضارب بين النتائج التي تقدمها هذه الدراسات. وعلى الرغم من أنه تم إجراء دراسات أكثر دقة في العديد من الدول (وذلك بمتابعة المأخوذ من الدهون الغذائية ثم أخذ الوزن مباشرة)، إلا أن المحصّلة كانت أيضاً تضارباً في النتائج. *المستوى الثقافي وبصورة عامة يمكن التأكيد بأنه قد لُوحظ - في علاقة زيادة الوزن بكمية الدهون المتناولة - أن الأمر كان يعتمد على المستوى الثقافي لأفراد العينة التي كانت تجرى عليها التجارب ومدى ما وصل إليه وعيهم الثقافي. كما يمكن التأكيد بأن الطرائق الوبائية التي تجرى عليها الدراسات حالياً تعتبر غير ملائمة لتقديم دراسات صالحة حول العلاقة بين نسبة الطاقة المستمدة من الدهون الغذائية والسمنة. فهناك حاجة إلى إجراء دراسات مستقبلية ذات تصميمات خاصة بشأن تقديم تقديرات خالية من التداخلات حول مسألة توازن الطاقة. كما أنه من الضروري أيضاً تأكيد احتمالية أن الاستعداد الجيني يلعب دوراً في الأمر. وتحت هذه المعطيات يمكن التأكيد بأنه لا يوجد حتى اليوم ما يمكن الاعتماد عليه من أن زيادة تناول الدهون الغذائية قد تقود للسمنة مقارنة بما يمكن أن يحدثه تناول الكربوهيدرات أو البروتينات.